 |
محمد علي الحامي (االقابسي) |
"ان المعرفة بحد
ذاتها لا تعني شيئا أن لم تكن صادرة عن حياة الشعب. وإذا كان الالم هو الذي يدفع
إليها في البدء، فان إرادة النضال من أجل تحرير الانسان لتجعل منها قضية حيوية بكل
معنى الكلمة. ففي مجتمع متأخر كالمجتمع العربي، أطفأ فيه البؤس والاضطهاد جذوة
الفكر، لا سبيل للبحث المجرد بغية الوصول الى الحقيقة. والذين يفعلون ذلك ممن
استقظت فيهم شهوة التأمل النظري المحض، إنما هم في الغالب نساك أو متصوفون.
"ان
الفكر هو اسمى مظاهر الحياة الانسانية. وعندما يطلب الجقيقة فهو لا يطلبها لذاته
بل من أجل الانسان. ولا سبيل لأن تعيش الحقيقة إن لم تجد من يحميها ويؤمن بها،
وأنى لها ذلك ما دامت العقول مكبلة بالأغلال وهموم الحياة اليومية تطبق على أذهان
الناس وتحول بينهم وبين التماس الحقائق الخالدة في حياتهم!
وبهذا
المعنى فإن كل نشاط روحي من علم وأدب وفن يجب أن تكون غايته إيقاظ ضمير الشعب وبث
الوعي فيه والعمل على رفع مستواه الانساني الى الحد الذي لا يقبل فيه بغير
الحق".
"على
هذا النحو فان المثقف الحقيقي في المجتمع العربي هو مناضل قبل كل شىء. فهو كما ينشد المعرفة ويحاول ابراز قضية الشعب
وتوجيهه وتهذيبه، ينشد في الوقت نفسه ملجأ للحقائق التي يكتشفها وملاذا هو ضمائر
مواطنيه وعقولهم المتحررة".
(من كتاب "محمد علي القابسي")