25.9.22

منذ أن انحسرت موجة التصميم الحر...

ابراهيم العوام

 


"منذ أن انحسرت موجة التصميم الحر عن الحياة العربية، بدأت الظروف تقسو على كل موقف إرادي صادق وكانت بداية الانحطاط. وعلى الرغم من أن المرحلة التاريخية التي حملت هذه الظروف كانت تمثل في الظاهر أوج الحضارة العربية، فإنها كانت تنطوي في الواقع على إدانة قاسية لكل التزام خلقي. وتلك هي الصورة الأولى لملامح عصور الانحطاط التالية.

 غير أن النظرة التاريخية إلى هذه العصور تعتبر هذه الإدانة عنصرا معزولا إلى حد ما، يرفد الأسباب الأخرى التي حتمت السقوط. ولا تزال هذه النظرة تهيمن في هذا المجال على كل تبرير منطقي للانهيار المحتم كما لو أن 'الأخلاق' هي العصا السحرية التي كانت تستطيع أن تصنع المعجزات في اية لحظة".

والحقيقة أن فقدان الالتزام هو نتيجة أكثر منه سبباَ. انه الإطار الذي يحيط بمأساة الإنحطاط ويحدد شكلها دون أن يلعب فيها الدور الحاسم الذي يعزى إليه. ذلك لأن وعي المأساة من خلال الحس الأخلاقي يشير إلى انبعاث الإرادة الإنسانية وتصميمها على احتضان المصير، وهو الوعي الذي يميز الجاهلية وتجربة الإسلام. 

أما في العصور المظلمة، فإن وعي المأساة يعجز عن تمثل أي مصير شاغل للإنسانية في انهيار القيم التي كان سقوطها صورة للفاجع".

"العرب وتجربة المأساة" 

ليست هناك تعليقات: